تفسير اية قال الله تعالى: " وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِ
صفحة 1 من اصل 1
تفسير اية قال الله تعالى: " وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِ
قال الله تعالى: " وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ (19) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (20) وَجَاءتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (21) لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22) "
التفسير: - من تفسير ابن كثير -
وقوله تبارك وتعالى « وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد » يقول عز وجل وجاءت أيها الإنسان سكرة الموت بالحق أي كشفت لك عن اليقين الذي كنت تمتري فيه « ذلك ما كنت منه تحيد » أي هذا هو الذي كنت تفر منه قد جاءك فلا محيد ولا مناص ولا فكاك ولا خلاص وقد اختلف المفسرون في المخاطب بقوله « وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد » فالصحيح أن المخاطب بذلك الإنسان من حيث هو وقيل الكافر وقيل غير ذلك وقال أبو بكر بن أبي الدنيا حدثنا إبراهيم بن زياد سبلان أخبرنا عباد بن عباد عن محمد بن عمرو بن علقمة عن أبيه عن جده علقمة عن أبيه عن جده علقمة بن وقاص قال إن عائشة رضي الله عنها قالت حضرت أبي رضي الله عنه وهو يموت وأنا جالسة عند رأسه فأخذته غشية فتمثلت ببيت من الشعر-من لا يزال دمعه مقنعا فإنه لابد مرة مدفوق-قالت: فرفع رضي الله عنه رأسه فقال: يا بنية ليس وكذلك ولكن كما قال الله تعالى « وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد » وحدثنا خلف بن هشام حدثنا أبو شهاب عن إسماعيل بن أبي خالد عن البهي قال لما أن ثقل أبو بكر رضي الله عنه جاءت عائشة رضي الله عنها فتمثلت بهذا البيت -لعمرك ما يغني الثراء عن الفتى إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر- فكشف عن وجهه وقال رضي الله عنه: ليس كذلك ولكن قولي « وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد » وقد أوردت لهذا الأثر طرقا كثيرة في سيرة الصديق رضي الله عنه عند ذكر وفاته وقد ثبت في الصحيح « خ6510 » عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لما تغشاه الموت جعل يمسح العرق من وجهه ويقول: سبحان الله إن الموت لسكرات.
وفي قوله « ذلك ما كنت منه تحيد » قولان « أحدهما » أن ما ههنا موصولة أي الذي كنت منه تحيد بمعنى تبتعد وتتناءى وتفر قد حل بك ونزل بساحتك « والقول الثاني » أن ما نافية بمعنى ذلك ما كنت تقدر على الفراق منه ولا الحيد عنه وقد قال الطبراني في المعجم الكبير « 7/6922 » حدثنا مؤمل بن علي الصائغ المكي حدثنا حفص عن بن عمر الحدي حدثنا معاذ بن محمد الهذلي عن يونس بن عبيد عن الحسن عن سمرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مثل الذي يفر من الموت مثل الثعلب تطلبه الأرض بدين فجاء يسعى حتى إذا أعيى وأسهر دخل جحره وقالت له الأرض يا ثعلب ديني فخرج وله حصاص فلم يزل كذلك حتى تقطعت عنقه ومات ومضمون هذا المثل كما لاانفكاك له ولا محيد عن الأرض كذلك الإنسان لا محيد له عن الموت وقوله تبارك وتعالى « ونفخ في الصور ذلك يوم الوعيد » قد تقدم الكلام على حديث النفخ في الصور والفزع والصعق والبعث وذلك يوم القيامة وفي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كيف أنتم وصاحب القرن قد التقم القرن وحنى جبهته وانتظر أن يؤذن له قالوا يا رسول الله كيف نقول قال صلى الله عليه وسلم قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل فقال القوم حسبنا الله ونعم الوكيل « وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد » أي ملك يسوقه إلى المحشر وملك يشهد عليه بأعماله هذا هو الظاهر من الآية الكريمة وهو اختيار ابن جرير ثم روى من حديث إسماعيل بن أبي خالد عن يحيى بن رافع مولى لثقيف قال سمعت عثمان بن عفان رضي الله عنه يخطب فقرأ هذه الآية « وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد » فقال سائق يسوقها إلى الله تعالى وشاهد يشهد عليها بما عملت وكذا قال مجاهد وقتادة وابن زيد وقال مطرف عن أبي جعفر مولى أشجع عن أبي هريرة رضي الله عنه قال السائق الملك والشهيد العمل وكذا قال الضحاك والسدي وقال العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما السائق من الملائكة والشهيد الإنسان نفسه يشهد على نفسه وبه قال الضحاك بن مزاحم أيضا، وحكى ابن جرير ثلاثة أقوال في المراد بهذا الخطاب في قوله تعالى « لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد » « أحدها » أن المراد بذلك الكافر رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما وبه يقول الضحاك بن مزاحم وصالح بن كيسان « والثاني » أن المراد بذلك كل أحد من بر وفاجر لأن الآخرة بالنسبة إلى الدنيا كاليقظة والدنيا كالمنام وهذا اختيار ابن جرير ونقله عن حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس رضي الله عنهما « والثالث » أن المخاطب بذلك النبي صلى الله عليه وسلم وبه يقول زيد بن أسلم وابنه والمعنى على قولهما لقد كنت في غفلة من هذا القرآن قبل أن يوحى إليك فكشفنا عنك غطاءك بإنزاله إليك فبصرك اليوم حديد والظاهر من السياق خلاف هذا بل الخطاب مع الإنسان من حيث هو والمراد بقوله تعالى « لقد كنت في غفلة من هذا » يعني من هذا اليوم، « فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد » أي قوي لأن كل أحد يوم القيامة يكون مستبصرا حتى الكفار في الدنيا يكونون يوم القيامة على الاستقامة لكن لا ينفعهم ذلك، قال الله تعالى « أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا » وقال عز وجل « ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رءوسهم عند ربهم ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون »
التفسير: - من تفسير ابن كثير -
وقوله تبارك وتعالى « وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد » يقول عز وجل وجاءت أيها الإنسان سكرة الموت بالحق أي كشفت لك عن اليقين الذي كنت تمتري فيه « ذلك ما كنت منه تحيد » أي هذا هو الذي كنت تفر منه قد جاءك فلا محيد ولا مناص ولا فكاك ولا خلاص وقد اختلف المفسرون في المخاطب بقوله « وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد » فالصحيح أن المخاطب بذلك الإنسان من حيث هو وقيل الكافر وقيل غير ذلك وقال أبو بكر بن أبي الدنيا حدثنا إبراهيم بن زياد سبلان أخبرنا عباد بن عباد عن محمد بن عمرو بن علقمة عن أبيه عن جده علقمة عن أبيه عن جده علقمة بن وقاص قال إن عائشة رضي الله عنها قالت حضرت أبي رضي الله عنه وهو يموت وأنا جالسة عند رأسه فأخذته غشية فتمثلت ببيت من الشعر-من لا يزال دمعه مقنعا فإنه لابد مرة مدفوق-قالت: فرفع رضي الله عنه رأسه فقال: يا بنية ليس وكذلك ولكن كما قال الله تعالى « وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد » وحدثنا خلف بن هشام حدثنا أبو شهاب عن إسماعيل بن أبي خالد عن البهي قال لما أن ثقل أبو بكر رضي الله عنه جاءت عائشة رضي الله عنها فتمثلت بهذا البيت -لعمرك ما يغني الثراء عن الفتى إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر- فكشف عن وجهه وقال رضي الله عنه: ليس كذلك ولكن قولي « وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد » وقد أوردت لهذا الأثر طرقا كثيرة في سيرة الصديق رضي الله عنه عند ذكر وفاته وقد ثبت في الصحيح « خ6510 » عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لما تغشاه الموت جعل يمسح العرق من وجهه ويقول: سبحان الله إن الموت لسكرات.
وفي قوله « ذلك ما كنت منه تحيد » قولان « أحدهما » أن ما ههنا موصولة أي الذي كنت منه تحيد بمعنى تبتعد وتتناءى وتفر قد حل بك ونزل بساحتك « والقول الثاني » أن ما نافية بمعنى ذلك ما كنت تقدر على الفراق منه ولا الحيد عنه وقد قال الطبراني في المعجم الكبير « 7/6922 » حدثنا مؤمل بن علي الصائغ المكي حدثنا حفص عن بن عمر الحدي حدثنا معاذ بن محمد الهذلي عن يونس بن عبيد عن الحسن عن سمرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مثل الذي يفر من الموت مثل الثعلب تطلبه الأرض بدين فجاء يسعى حتى إذا أعيى وأسهر دخل جحره وقالت له الأرض يا ثعلب ديني فخرج وله حصاص فلم يزل كذلك حتى تقطعت عنقه ومات ومضمون هذا المثل كما لاانفكاك له ولا محيد عن الأرض كذلك الإنسان لا محيد له عن الموت وقوله تبارك وتعالى « ونفخ في الصور ذلك يوم الوعيد » قد تقدم الكلام على حديث النفخ في الصور والفزع والصعق والبعث وذلك يوم القيامة وفي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كيف أنتم وصاحب القرن قد التقم القرن وحنى جبهته وانتظر أن يؤذن له قالوا يا رسول الله كيف نقول قال صلى الله عليه وسلم قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل فقال القوم حسبنا الله ونعم الوكيل « وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد » أي ملك يسوقه إلى المحشر وملك يشهد عليه بأعماله هذا هو الظاهر من الآية الكريمة وهو اختيار ابن جرير ثم روى من حديث إسماعيل بن أبي خالد عن يحيى بن رافع مولى لثقيف قال سمعت عثمان بن عفان رضي الله عنه يخطب فقرأ هذه الآية « وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد » فقال سائق يسوقها إلى الله تعالى وشاهد يشهد عليها بما عملت وكذا قال مجاهد وقتادة وابن زيد وقال مطرف عن أبي جعفر مولى أشجع عن أبي هريرة رضي الله عنه قال السائق الملك والشهيد العمل وكذا قال الضحاك والسدي وقال العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما السائق من الملائكة والشهيد الإنسان نفسه يشهد على نفسه وبه قال الضحاك بن مزاحم أيضا، وحكى ابن جرير ثلاثة أقوال في المراد بهذا الخطاب في قوله تعالى « لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد » « أحدها » أن المراد بذلك الكافر رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما وبه يقول الضحاك بن مزاحم وصالح بن كيسان « والثاني » أن المراد بذلك كل أحد من بر وفاجر لأن الآخرة بالنسبة إلى الدنيا كاليقظة والدنيا كالمنام وهذا اختيار ابن جرير ونقله عن حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس رضي الله عنهما « والثالث » أن المخاطب بذلك النبي صلى الله عليه وسلم وبه يقول زيد بن أسلم وابنه والمعنى على قولهما لقد كنت في غفلة من هذا القرآن قبل أن يوحى إليك فكشفنا عنك غطاءك بإنزاله إليك فبصرك اليوم حديد والظاهر من السياق خلاف هذا بل الخطاب مع الإنسان من حيث هو والمراد بقوله تعالى « لقد كنت في غفلة من هذا » يعني من هذا اليوم، « فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد » أي قوي لأن كل أحد يوم القيامة يكون مستبصرا حتى الكفار في الدنيا يكونون يوم القيامة على الاستقامة لكن لا ينفعهم ذلك، قال الله تعالى « أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا » وقال عز وجل « ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رءوسهم عند ربهم ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون »
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى